المعتقلون وتجارب وتجارب الموت بالكيماوي

لقد استخدم النظام السوري، في عهد الأسد الأب، معتقلين من سجن تدمر في تنفيذ تجارب على أسلحته الكيماوية، وفقًا لرواية أحد السجناء الذين كانوا يعملون في صفوف جيش الأسد.
على مدار مسيرة الرئيس حافظ الأسد، اتسم حكمه بسياسة قمعية مميزة، اعتمدت على البطش والتخويف والإرهاب بكافة الوسائل، دون اعتبار لأي لون أو جنس. وكان الهدف الأسمى لديه هو الدفاع عن سورية بكل الطرق الممكنة، سواء كانت مشروعة أو غير مشروعة. ركز بشكل رئيسي على ثلاثة محاور استراتيجية: الصواريخ، الإلكترونيات، والأسلحة الكيماوية. وفي سياق حديثنا، نُسلط الضوء على الأسلحة الكيماوية التي بدأ نظام الأسد في تطويرها وتقويتها بشكل فعلي منذ مطلع الثمانينيات، تحت إشراف المخابرات الجوية، الجهاز الأقرب إليه والأكثر تفاعلًا وتنفيذًا لتعاليمه. كان هذا الجهاز مسكونًا بفكرة التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل، ومهووسًا بمفهوم تحقيق توازن الرعب معها، خاصة في ظل التهديد النووي الإسرائيلي الذي استحيل القضاء عليه أو موازنته، فكان الهدف منه جعله فزاعة في وجه الإسرائيليين.
آمن عدد من الأساتذة الجامعيين والخبراء والمهندسين والفنيين في المركز، الذين تم انتقاؤهم بعناية، بهذه الفكرة، واندمجوا في إطار سياق سياسي يعتنق مبدأ أن «لا مدنيين آمنين في إسرائيل». وقد سمح هذا الفهم لنخبة من العاملين في هذا المجال، برغبة وطنية مقاومة، إلى جانب حرصهم على الحفاظ على مصالحهم الشخصية، التي كانت تتضمن امتيازات مهمة، مثل السكن، السيارات، والحراس الشخصيين.
سألوا عن كيفية إجراء التجارب على هذه الأسلحة، فرد عليهم القائد المشرف، الذي أوكله حافظ الأسد مباشرة، قائلاً: «لنُجربها على معتقلين محكومين من سجن تدمر، هؤلاء أصلاً حكم عليهم بالإعدام أو بالسجن المؤبد. فبدلاً من إعدامهم بالرصاص، لنرميهم بالقنابل الكيماوية، فالنتيجة واحدة… هل توافقون يا شباب؟»
فكانت الإجابة: «نعم، يا سيدي، فكرة صائبة…».
وبذلك، كان المعتقلون الذين يتعرضون لتجارب الأسلحة الكيماوية، يختنقون، وتأخذ أرواحهم إلى باريها، وهم يرتجفون لساعات طويلة، كالدجاج المذبوح نصف ذبح، ثم يسلمون أرواحهم إلى خالقها.
في تلك الأثناء، كان العلماء والباحثون يسجلون الملاحظات بعناية، بهدف تصحيح الأخطاء، إما من خلال تعديل نوعية المادة الكيماوية أو تخفيف تأثيرها في التجارب اللاحقة. أما ضباط المخابرات المشرفون على عمليات الإبادة، فكانوا يحتسون الويسكي والشمبانيا، ويحتفلون بنجاح المهمة، التي كانت تصدر لهم من حافظ الأسد، تكريمًا لروح الشهداء من المعتقلين.
وفي النهاية، كانت بداية استخدام السلاح الكيماوي، التي تطورت مع الزمن، لتشمل الآن براميل تتساقط من الطائرات، وتفتك بالآلاف خلال لحظات، محدثة دمارًا واسعًا وفجيعة عميقة.